مر شهر كامل منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في إيران والتي انطلقت شرارتها من طهران بسبب وفاة الشابة مهسا أميني بعد اعتقالها من قبل الشرطة لارتدائها لباسا غير “لائق”. وتحولت هذه الشابة البالغة من العمر 22…
تم إنشاء شرطة الأخلاق المعروفة باسم “جوريات الإرشاد” (غشتي ارشاد) في عهد الرئيس المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد من أجل “نشر ثقافة اللياقة والحجاب”. وتتألف من رجال يرتدون زيا أخضر ونساء يرتدين الشادور الأسود الذي يغطي الرأس والجزء العلوي من الجسم.
وعلى الرغم من التقارير التي تفيد بأن شرطة الأخلاق اختفت من الشوارع خلال الاحتجاجات الأخيرة التي قادتها النساء، عززت قوات الأمن قبضتها عبر كاميرات مراقبة ومخبرين مجهولين.
وتقول إيرانيات على وسائل التواصل الاجتماعي إنهن تلقين رسائل من الشرطة بعد قيادتهن لسياراتهن بدون حجاب، وهي جريمة يعاقب عليها بغرامة أو بمصادرة السيارة.
الصحف البريطانية تتناول العديد من القضايا الدولية والشرق أوسطية من بينها موجة الاحتجاجات المستمرة في إيران، بالإضافة إلى تفشي الكوليرا في سوريا ولبنان.
أعلنت ناشطات ونشطاء عرب على منصات التواصل التضامن مع الاحتجاجات على موت الشابة مهسا أميني مع دعوات لتعزيز حقوق المرأة العربية، وتساءل نشطاء: هل يمكن أن تشعل وفاة أميني الربيع الإيراني مثل أيقونة الربيع العربي البوعزيزي؟
في كثير من مدن العالم تكشف رسوم الغرافيتي والاحتجاجات مدى التضامن مع نساء إيرانيات خرجن للتظاهر ضد اضطهاد النظام في إيران بعد مقتل الشابة مهسا أميني. هذه صور لمواقف من أنحاء العالم.
إن الجيل الجديد في إيران، والمولود في غالبيته بعد الثورة، ما بين التسعينيات ومطلع الألفية، لا يفهم ولا يستوعب ان تفرض عليه السلطات الدينية كل هذه القيود وتسجنه في زنزانة فهمها القروسطوي وتحرمه حقوقه الاساسية والبديهية للفرد العصري الحرّ المنفتح والمنتمي الى القرية الكونية.
ولو اقتصر الأمر على القمع السياسي ربما لهان الأمر. لكن ما يزيد الطين بلّة حالة الانكماش والعزلة في ظل البطالة والفقر والجوع والفساد. بينما تهدر ثروات الايرانيين على ميليشيات ايران المنفلشة ونظام الاسد وتطيير “القاطرات” الى الفضاء.
تلفح الآن جدائل الحرية إيران. بانتظار الانفجار العظيم الذي توسل به الشاعر بهار إلى جبل «دماوند»؟
فهل سيوفق الغرب بين مصالحه وقيمه هذه المرة؟ فيدعم الشعب الايراني؟
هناك بوادر مشجعة تحتاج الى القيام بالمزيد، فعدا العقوبات على المسؤولين، ربما يجب سحب السفراء ومنع بث اقنيتهم الاعلامية والدعائية، على ما اقترحت شيرين عبداي.
بعد ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات المتتالية، إثر مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني، على يد عناصر من شرطة الآداب في العاصمة طهران، لم تظهر بعد أيّ مؤشرات أو بوادر على التهدئة، حيث ما زالت تنطلق المسيرات الاحتجاجية الغاضبة في مدن كردستان وباقي أنحاء البلاد.
ويمكن القول إنّ الثورة الحالية في إيران، لا تعبر فقط عن الاحتجاج على مقتل أميني، أو عن الاعتراض على هوس الدولة وانشغالها بالحجاب، في أماكن العمل والجامعات وفي الشوارع، لكنّها ثوررة من أجل الحريات المدنية، بعد أكثر من أربعة عقود من هيمنة التيار الراديكالي على جميع جوانب الحياة الاجتماعية في إيران، بالتزامن مع وصول إبراهيم رئيسي إلى السلطة، بوصفه أحد أبرز قيادات التيار المحافظ.